Rabat
top of page

نيكولا ساركوزي والمغرب

  • 21 سبتمبر
  • 2 دقيقة قراءة
Nicolas Sarkozy Maroc Relation

نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي الأسبق، يُدعى كثيراً للمشاركة في مناسبات مختلفة بالمملكة. قبل بضع سنوات، استضافه مجلس التنمية والتضامن (CDS) في العاصمة الرباط. وفي واحد من أبرز معالمها، فندق "لا تور حسن"، ظهر أمام نخبة من الشخصيات المغربية، من مثقفين وفاعلين سياسيين واقتصاديين.


ورغم أن الهدف المعلن كان تقديم كتابه الأخير "زمن المعارك"، فإن هذه المحطة المغربية تجاوزت بكثير مجرد لقاء أدبي، إذ أعادت التأكيد على ارتباط شخصي من الرئيس الأسبق بالعلاقات المغربية-الفرنسية، التي كانت حينها تمر بفترات توتر شديد في عهدَي هولاند وماكرون.


حضور نيكولا ساركوزي في الرباط لم يكن حدثاً عابراً. فبالنسبة لكثير من المغاربة الحاضرين في القاعة، يُنظر إلى ساركوزي كصديق للمملكة، مُنصت، محترم، ومتمسك بالتاريخ المشترك بين باريس والرباط. ولم يتوقف عن التذكير بهذا القرب طيلة اللقاء، حيث أشاد بجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، واصفاً إياه بـ"أحد كبار قادة العالم، الحكيم وصاحب الرؤية".


وفي أجواء ودية، لم يتردد الرئيس الأسبق في توجيه انتقادات مبطنة لِخلفائه، متهماً إياهم بالإصرار على المراهنة على علاقة غير متوازنة مع الجزائر، على حساب شراكة طبيعية وتاريخية واستراتيجية مع المغرب.


وعند سؤاله حول ملف الصحراء المغربية، جدّد نيكولا ساركوزي دعمه الواضح لمغربية الأقاليم الجنوبية، مذكّراً بأول زيارة له إلى العيون قبل أكثر من ثلاثين عاماً. ورغم اعترافه بأن فرنسا، في فترة رئاسته، لم تذهب إلى حد الاعتراف الرسمي، فقد دعا إلى موقف أوروبي أكثر وضوحاً، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة منذ سنة 2020.


مع ذلك، أثارت تصريحاته ردود فعل متباينة. فقد ذكّر بعض المراقبين بأن الأقوال لا تُغني عن الأفعال، وأن ساركوزي، رغم التزامه اللفظي، لم يخطُ بفرنسا نحو اعتراف رسمي بسيادة المغرب على صحرائه.


الحنين الذي يكنّه جزء من النخبة المغربية لمرحلة ساركوزي يذكّر بما كان يُقال عن جاك شيراك، الذي ربطته بالمرحوم جلالة الملك الحسن الثاني علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والثقة. أما ساركوزي، فبحرصه على هذا الرابط الشخصي مع المملكة، يختلف عن الرؤساء الفرنسيين الأكثر حداثة، الذين عجزوا عن إعادة مناخ الثقة.


أما السفير الحالي كريستوف لوكورتييه، فقد لقي تقديراً كبيراً في الرباط، على عكس الدبلوماسية الباردة والبعيدة التي ميزت سلفه هيلين لوغال، التي كثيراً ما وُجهت إليها انتقادات بسبب أسلوبها غير المتزن وافتقارها للحس في المواقف الحرجة.

وعلاوة على الكلمات، استغل ساركوزي زيارته ليجدد صلته بمدينة مراكش، حيث اختتم رحلته بجلسة توقيع كتاب في فضاء ثقافي بمنطقة جليز. ورغم أن جلالة الملك محمد السادس كان حينها في الدوحة، فقد لمح الرئيس الأسبق إلى إمكانية عودته قريباً إلى المملكة، خاصة بمناسبة أعياد نهاية السنة.


هذه الزيارة، وإن لم تغيّر موازين الدبلوماسية، فقد كرّست حقيقة مؤكدة: المغرب لم يعد ساحة نفوذ سلبية، بل صار شريكاً ذا سيادة، مُطالباً ومحل احترام، حتى من قِبل من تولوا قيادة واحدة من أعظم القوى الأوروبية.



تعليقات


bottom of page